جذوري العائلية هل أعرفها؟
بقلم : د. نسرين حاج يحيى
محاضرة ومعالجة زوجية وعائلية مؤهلة
ترى لو قمنا بسؤال أبنائنا عن جذور عائلتنا هل لهم أن يعرفوها؟ هل يعرفون من هم أجدادهم وآباء أجدادهم وإخوانهم وغيرهم من أفراد العائلة الموسعة؟ وهل سيحسنون رواية تاريخ العائلة وأصولها؟
للأسف في زمننا هذا غالبا ستكون الاجابة بلا ولن نبالغ إن قلنا أننا نحن بأنفسنا قد لا نملك معرفة العائلة التي ننتمي إليها ونحمل اسمها منذ ولدنا, ولربما سنجهل أجدادنا وأصولنا التي نعود اليها ومنها ترعرعنا. وقد يتبادر لذهن قارىء كلماتي هذه: “ترى لماذا من الجدير أن نعرف جذور العائلة وبماذا يفيدنا هذا الأمر, خاصة في عصر السرعة الذي بالكاد نجد فيه وقتا للضروريات ؟” في هذا المقال سنجيب على هذه التساؤلات وسنتداول موضوعا أسريا محوريا مع أن الكثيرين لا يعيرونه اهتماما ولا يدركون أصلا اهميته وضرورته في فهم الأسرة ألا وهو شجرة العائلة والجذور الأسرية.
ما فائدة معرفة الجذور العائلية:
يتفق الكثير من الباحثين والعلماء في مجال الأسرة أن معرفة الجذور العائلية هي أمر غاية في الأهمية وتطرقوا إلى عدة جوانب تظهر هذه الاهمية عبرها ونجمل منها ما يلي:
أولا– إن معرفة الانسان لجذور العائلة التي ينتمي اليها تساهم بشكل كبير في بناء وتأسيس صحته النفسية. ذلك أن هذه المعرفة تساعد في تشكيل هويته والاجابة على أسئلة أساسية تساهم في تحديد الهويه مثل: من هو؟ ما أصولي؟ لمن أنتمي؟ …وغيرها. وقد أشار العلماء منهم اريكسون على سبيل المثال الى أن بناء الهوية هو أمر ضروري في تطور ونمو الانسان بل واستقراره النفسي.
ثانيا-إن معرفة أصول العائلة خاصة اذا كانت عائلة عريقة ذات انجازات تزيد من ثقة أفراد العائلة بأنفسهم وشعورهم بالاعتزاز وبالتالي قد يزيد من شعور الفرد بالانتماء مما يساهم في زيادة التواصل والترابط الأسري وكذلك التكافل العائلي …..وكم نحن بحاجة إلى هذا الأمر في زمننا هذا.
ثالثا– يدعي الباحثون في مجال الأسرة إلى وجود توارث بين الأجيال في العائلات وهو لا يقتصر فقط على الحمض الوراثي ال DNA والأمراض أو الشكل ، وإنما على الأسماء, أساليب الحياة, الطباع الانسانية, طبيعة العلاقات العائلية, وأحيانا نهج حياة متبع وغيرها. ولذا يوصي الاختصاصيون بالرجوع الى الجذور العائلية بهدف فهم جذور وأساس تصرفات عائلية آنية. كما ذكرنا لوجود انتقال لصفات وسمات العائلات من جيل الى جيل. علما أن علماء الوراثة يستخدمون آلية البحث عن الجذور العائلية بهدف البحث في الأمراض وتاريخها ويريدون التعمق في فهمها فيعودون للبحث في العوامل الوراثية وصلة القربى ودرجاتها. بالمقابل علماء العائلة يسعون لاستخدام هذه الآلية ولكن ليس لأغراض صحية- طبية ، وإنما بغرض فهم العلاقات العائلية وفهم الانسان تصرفاته وطباعة وطبيعة علاقاته في سياق عائلته.
لذا يوصى هؤلاء العلماء برسم شجرة العائلة لكل أسرة تريد لنفسها أن تساهم في الاتسام بالصحة النفسية وكذا كوسيلة لتعزيز أواصر العلاقة بين أفرادها وشعورهم بالانتماء والولاء والتكافل والانسجام الأسري.
ما هي شجرة العائلة:
- أشكال متعددة لشجرة العائلة وكل منها تعتمد أسلوبا آخر في الرسم فمنها غيرالعلمي وفيها يقوم شخص مؤمن بافضليات رسم الشجرة العائلية وهو شخص ذو اتصال أو قبول للتواصل بالآخرين يبحث عن سلالة العائلة ويقوم بتدوين نسل العائلية ويحاول الرجوع بالبحث بقدر استطاعته للاجيال السابقة معتمدا شكل الشجرة وعليها أوراق وعلى كل ورقة الاسم. يجدر الذكر أن الصيغة التقليدية والتي تعتبرغيرعلمية لشجرة العائلة تعتمد عادة تدوين الذكور فقط ولا يكون للنساء نصيب في شجرة العائلة. علما أنني وفي بحث في الشبكه العنكبوتيه وجدت شجرة تقليدية وفيها تدوين للنساء وهذا الأمر غير منتشر كما ذكرنا بالعادة.
شجرة عائلة الرسول عليه الصلاة والسلام مع النساء في العائلة
أشجار عائلية أخرى دون فيها الرجال فقط:
إلى جانب ذلك هنالك الطريقة العلمية لرسم شجرة العائلة وهي عبارة عن رسم بياني له رموز عالمية متفق عليها من قبل العلماء وكل رمز له معنى ويجب التعامل بدقة وعناية شديدة مع هذه الرموز. وهي أشبه بهذا المنحى بالخريطة التي كل مؤشر فيها له معنى بحيث أن المتمعن بها يفهمها دون أن يكون فيها تدوين لكلمات كثيرة. ويعتمد الاختصاصيون كما ذكرنا هذه الشجرة في فهم العائلات, جذور الطباع وأحيانا الأفضليات أو المشكلات في هذه العائلات وبذلك يتمكنون من مساعدتها أكثر, فإن “عرف السبب (أو جزء منه….) بطل العجب”. وأحيانا يطلب معالجو الأسر منها رسم شجرة العائلة كوسيلة لخلق هدف مشترك ومنحهم مهمة تشعرهم بالتقارب الواحد من الآخر والتواصل مع أشخاص لم يقوموا بالتواصل معهم منذ زمن وأيضا الشعور بالانتماء وزيادة في الوعي الذاتي والعائلي.
كيف ترسم شجرة العائلة؟
هنالك حاجة لتعلم بسيط لكيفية رسم الشجرة العلمية، وأملا مني في أن تقوموا بالمبادرة لرسم شجرة عائلتكم سأورد فيما يلي المعنى للرموز والقواعد الأساسية لرسم شجرة العائلة.
الذكر – مربع (بداخله الاسم والعمر أو سنة الولادة)
الأنثى- دائرة (بداخله الاسم والعمر أو سنة الولادة)
علما أن الذكور دائما من جهة اليمين والإناث من اليسار
في حال أن العلاقة ضعيفة يكون الخط متقطعا ——–
في حال أن العلاقة منقطعة يكون الخط كما يل
من المهم ترتيب الأبناء والبنات في العائلة من الكبير إلى الصغير
مبنى أساسي دون طبيعة العلاقات لشجرة العائلة من أربعة أجيال
الأسئلة المرافقة لشجرة العائلة ؟
من المهم أن نسأل أنفسنا خلال وبعد الرسم للشجرة العائلية والبحث المشترك مع كل افراد العائلة عن جذورنا العائلية هذة الاسئلة وحبذا لو دوناها:
- ماذا يميز عائلتي؟ وهل هناك ظواهر متكررة فيها, وما هي؟
- هل هنالك أمور لم أكن أعرفها عن عائلتي؟
- هل التمعن بالرسم جعلني أفهم جوانب عائلية لم تكن واضحة لي سابقا (كلما كان أكثر أجيال تتضح الصورة أكثر وبالإمكان الإلمام والإجابة بشكل أعمق ).
في النهاية نؤكد أن شجرة العائلة وبناءها لهو تجربة رائعة تثري معرفتكم بأصولكم وبالتالي بأنفسكم ،وكذا فبناؤها قد يكون الفرصة لتجديد وإحياء علاقات عائلية لطالما ابتعدنا عنها لانشغلاتنا المتعددة فهذه هي دعوة منا لخوض هذه التجربة التي سوف تثري بإذن الله كل الشركاء فيها.